في بيئات التعلم الفعّالة، لا يكون التعليم مجرد نقل للمعرفة، بل هو عملية إنسانية تقوم على علاقة متبادلة بين المعلم والطلاب. ومن هنا تنبع أهمية التواصل العاطفي، بوصفه حجر الأساس لبناء الثقة، وتعزيز الانخراط، وتهيئة البيئة الصفية للتعلّم الحقيقي
يشير التواصل العاطفي إلى قدرة المعلم على التفاعل مع طلابه بمستوى وجداني يراعي مشاعرهم، ويحتويهم، ويُشعرهم بالأمان النفسي. وهو يتضمن: استخدام نبرة صوت هادئة، لغة جسد إيجابية، استجابات متعاطفة، ووعي بحالة الطالب الانفعالية أثناء التعلم
ويُظهر بحث أجراه "هامنر وستيفنسون" أن الطلاب الذين يشعرون بأن معلميهم يستمعون إليهم، ويتفهّمون مشاعرهم، يكون لديهم استعداد أكبر للمشاركة، ويحققون نتائج أفضل
(Hamre & Pianta, 2001)
لأن البيئة الصفية القائمة على التعاطف والاحترام تُشجع الطالب على الانخراط، وتقلل من مستويات التوتر، وتعزز من بناء العلاقات الإيجابية بين الطالب والمعلم (Jennings & Greenberg, 2009). وفي ظل هذا النوع من البيئة، يشعر الطالب بأنه مرئي، ومسموع، ومقبول، مما يُمهّد الطريق لتعليم فعّال
وقد أكدّت نظرية "التعلّم الاجتماعي العاطفي" أن الطلاب لا يتعلمون فقط بالعقل، بل من خلال الارتباط العاطفي بالمعلم والمادة والبيئة (CASEL, 2013)
إن التواصل العاطفي ليس رفاهية تربوية، بل ضرورة تمهّد الطريق لكل تعلم فعّال. فالمعلم الذي يُحسن الإصغاء، ويتفاعل بصدق مع طلابه، يفتح أمامهم أبواب الثقة والانتماء، مما يعزز قدرتهم على التعلّم والمشاركة. التفاعل العاطفي هو البداية الحقيقية لكل تعليم يُحدث أثرًا